[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أبو القاسم الشابي | شاعر الأسى والجمال .. تقرير كامل + مقتطفات رائعة
إذا الـشعبُ يـوماً أرادَ الحياةَ
فـلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ
ولابــدَّ لـلّيلِ أن يـنجلي
ولا بـدَّ لـلقيدِ أن يـنكسرْ
ومَـن لـم يعانقهُ شوقُ الحياة
تـبخّرَ فـي جـوِّها وانـدثر
هو شاعر الجبل الأخضر
أبو القاسم الشابي
من تونس الشقيقة
أطل على الدنيا عام 1909 م
في رحلة قصيرة مع الحياة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وفي عام 1929
نكب الشاعر بوفاة والده
والذي بفقده خسر الرعاية الصالحة حيث قال عنه :
" إنه أفهمني معاني الرحمة والحنان وعلمني أن الحق خير ما في هذا العالم وأقدس ما في الوجود "
وبعد وفاة ابيه اضطلع بأعباء عائلة كبيرة ..
واختار طريقاً صعباً في الإرتزاق ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وهو على رأس أسرتين ..
أسرة والده وأسرته حيث أنه قد تزوج ..
وفي ذات السنة أصيب بداء تضخم القلب
الذي لم يقدر على معالجته لضيق ذات اليد ..
وفي عام 1934 م
تناوله الموت وهو في مقتبل عمره وشبابه
وعلى الرغم من ذلك فلقد ترك لنا من الشعر ما يرفع مكانته ويعلي قدره !
وقد لفظ الشعر وهو في الثانية عشرة من عمره
وإليكم أبيات مختارة مما أعجبني في ديوانه الرائع :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مهما تضاحكت الحياة فإنني أبداً كئيب
أصغي لأوجاع الكآبة ، والكآبة لا تجيب
في مهجتي تتأوه البلوى ، ويعتلج النحيب
ويضج جبار الأسى ، وتجيش أمواج الكروب
إني أنا الروح الذي سيظل في الدنيا غريب
ويعيش مضطلعاً بأحزان الشبيبة والمشيب
،
أبو القاسم الشابي
فيه البيت الثالث والرابع من المقطع الجاي رائعة جداً
حيث يقول :
أن السلام حقيقة ، مكذوبة *** والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل إلا إن تعادلت القوى *** وتصادم الإرهاب بالإرهاب
أبو القاسم الشابي
وكذلك تتخذ المظالم منطقاًَ *** عذباً لتخفي سوأة الآراب
،
ألبؤس لإبن الشعب يأكل قلبه *** والمجد والإثراء للأغراب
والشعب معصوب الجفون ، مقسم *** كالشاة بين الذئب والقصاب
والحق مقطوع اللسان ، مكبل *** والظلم يمرح مذهب الجلباب
هذا قليل من حياة مرة *** في دولة الأنصاب والألقاب
،
الويل للحساس في دنياهم *** ماذا يلاقي من أسى وعذاب !
،
صل يا قلبي إلى الله ، فإن الموت آت
صل فالنازع لا تبقى له غير الصلاة
،
قلبي تردى من على صهات *** خيل الهوى ، فغدى أسير فتاة
،
كلما قام في البلاد خطيب *** موقظ شعبه يريد صلاحه
أخمدوا صوته الإلهي بالعسف أماتوه صداحه ونواحه
هكذا المخلصون في كل صوب *** رشقات الردى إليهم متاحه
لا أبالي وإن أريقت دمائي *** فدماء العشاق دوماً مباحه
إن ذا عصر ظلمة غير أني *** من وراء الظلام شمت صباحه
ضيع الدهر مجد شعبي ولكن *** سترد الحياة يوماً وشاحه
،
هذي راااااااااااااااااااااااااائعة
تأمل فإن نظام الحياة *** نظام دقيق بديع فريد
فما حبب العيش إلا الفناء *** ولا زانه غير خوف اللحود
ولولا شقاء الحياة الأليم *** لما أدرك الناس معنى السعود
ومن لم يرعه قطوب الدياجير *** لم يغتبط بالصباح الجديد
،
وربيع الشباب يذبله الدهر *** ويمضي بحسنه المعبود
غير باق في الكون إلا جمال *** الروح غضا على الزمان الأبيد
،
آه يا زهرتي الجميلة لو تدرين *** ما جد في فؤادي الوحيد
في فؤادي الغريب تخلق أكوان *** من السحر ذات حسن فريد
وشموس وضاءة ونجوم *** تنثر النور في فضاء مديد
وحرام عليك أن تهدمي ما *** شاده الحسن في الفؤاد العميد
وحرام عليك أن تسحقي أمـ *** ــال نفس تصبو لعيش رغيد
منك ترجو سعادة لم تجدها *** في حياة الورى وسحر الوجود
فالإله العظيم لا يرجم العبد *** إذا كان في جلال السجود
،
ويقول مخاطباً الموت حينما فجع بأبيه :
- طبعاً القصيدة رائعة وطويلة واخترت لكم أبيات منها -
يا موت قد مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري
وفجعتني في من أحب ومن إليه أبث سري
وأجوب صحراء الحياة ، أقول : أين تراه قبري ؟
خذني إليك فقد تبخر في فضاء الهم عمري
خذني فما أشقى الذي يقضي الحياة بمثل أمري
يا موت نفسي ملت الدنيا ، فهل لم يأت دوري !
،
والشقي الشقي من كان مثلي *** في حساسيتي ورقة نفسي
،
والناس شخصان : ذا يسعى به قدم *** من القنوط ، وذا يسعى به الأمل
هذا إلى الموت ، والأجداث ساخرة *** وذا إلى المجد ، والدنيا له خول
،
يا قلبي الباكي إلام البكى ؟
ما في فضاء الكون شيء يدوم
فانثر غبار الحزن فوق الدجى
واسمع إلى صوت الشباب الرخيم
،
الناس لا ينصفون الحي بينهم *** حتى إذا توارى عنهم ندموا
الويل للناس من أهوائهم أبداً *** يمشي الزمان وريح الشر تحتدم
،
يقولون : صوت المستذلين خافت *** وسمع طغاة الأرض ( أطرش ) أضخم
هو الحق يغفي … ثم ينهض ساخطاً *** فيهدم ما شاد الظلام ويحطم
،
وأود أن أحيا بفكرة شاعر *** فأرى الوجود يضيق عن أحلامي
إلا إذا قطعت أسبابي مع الدنيا *** وعشت لوحدتي وظلامي
في الغاب ، في الجبل البعيد عن الورى *** حيث الطبيعة والجمال السامي
وأعيش عيشة زاهد متنسك *** ما إن تدنسه الحياة بذام
هجر الجماعة للجبال ، تورعاً *** عنها وعن بطش الحياة الدامي
تمشي حواليه الحياة كأنها *** الحلم الجميل ، خفيفة الأقدام
،
فلكم أرقت مدامعي ، حتى تقرحت الجفون
ثم التفت ، فلم أجد قلباً يقاسمني الشجون
،
يا دهرُ رفقاً فإن القلوب أمست شظايا
،
كان الصبي يصيد الفراش بين الزهور
فداس زهراً ندياً ألقى به في الغدير
فأخرجوه ولكن بعد القضاء الأخير
فخرت الأم حول الصبي تصرخ ويلي
فقلت والقلب دامٍ والناس يبكون حولي
ما أسخف العيش تقضي عليه زلة النعل !
،
وفيه قصيدة طويلة عن قلب الأم فيها تصاوير وقصص مدهشة
يحكي عن طفل يكبر ويعيش بين الأصحاب و الطبيعة
ثم فجأة يموت وتدريجاً ينساه الجميع
ما عدا قلب أمه الذي يتذكره كل حين
الصراحه القصيدة حلوة
حوالي 60 بيت
،
والشقي الشقي في الأرض قلب *** يومه ميت ، وماضيه حي
،
سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ==كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً==بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى==ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ
وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ،==غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ
أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها==وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي==فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي==أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»
«وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ==إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ»
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى==عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي»
«وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي==قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ==عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ»
«لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ==وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ"
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا==هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً==فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما==وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا==لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي
إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ==وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي==والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي