الطاقة الذهنية الكامنة بين مدلولها وسبل الكشف عنها
التحدث عن الطاقة الكامنة والذهن المتدفق بالحيوية ليس أمرأ اعتباطياَ، لأنه شغل الشاغل للكثير من المجتمعات المتقدمة في عصرنا الراهن. لا شك أن مجتمع الدولة التقليدي، يحكم الفرد بضوابط وقوانين صارمة تكبح تطلعاته نحو التغيير وتسخير قواه العقلية والذهنية في حياته. تكون حياة الإنسان روتينية، العادات والتقاليد تحكم كل الطاقات الذهنية في الإنسان. تصبح الطاقة الذهنية مخبأة ومقبورة في العقل الباطن للانسان. إذا بشكل ما لا يسمح مجتمع الدولة التقليدي لنشوء الإنسان المنطلق بذهنه ووعيه، الخلاق والمبدع. هناك رابط بين التسلسل الزمني لتجارب الإنسان الذاتية ووعيه الإنسان لطاقاته الخفية. العادات والتقاليد المتوارثة، تكون كالسد المانع لتدفق هذه الطاقات الكامنة لدى الإنسان. لا يمكن التحدث عن أي ذهنِ خلاّق ومبدع. هنا فرد تقليدي لا يدرك أبدا ما بداخله من طاقات ذهنية خفية.
لماذا الإنسان بحاجةٍ ماسة لتسخير طاقاته الخفية؟ وهل ياترى من الضروري لدى الإنسان أن يتابع استكشافه لعالمه الداخلي وما يجوبه من أسرار يخفى عليه فهمها؟ المشاكل الاجتماعية، قد تخنقنا بروتينيتها، فإن واجهناها بعقلية وذهنية مجتمع الدولة التقليدي، تشمخ هذه المشاكل كالجبال أمامنا، تكون شخصياتنا قزمة، وقد نيأس بأول محاولة في مواجهتها. الإنسان في حالته العادية لا يتميز بأي خصائص غير طبيعية. لكن لدى تمكن الإنسان من التعمق بذاته، يدرك خصائص ذهنه الخفي. قد تظهر طاقات يستغربها الإنسان لدى محاولته في مواجهة مشاكل العصر المستعصية.لا يمكن إهمال الترابط الزمني للتجارب الماضية مع الحاضر، وإدراك هذه المعادلة بوعي عميق. قد يكون هذا الترابط الوسيلة لسبر أعماق هذه القدرات الخفية فينا.
كنا قد تحدثنا في الأقسام السابقة عن الهدوء والتركيز النفسي لدى الإنسان المجرد عن الواقع، ولو لفترة زمنية قصيرة محدده، ولكن لا بد أن يكون ذلك بشكل دوري مستمر، تمهد السبيل لأن نستكشف ذواتنا، ونسيير طاقاتنا بشكل أفضل. العديد منا يجهل قدراته الذهنية والعقلية الخفية. لأننا ننشغل بروتينية الواقع، وننجر تحت تأثير ضوابط وقواعد المجتمع التقليدي. الطاقة البشرية غير محدودة. لكن كيف لنا أن نسخرالطاقات البشرية المحبوسة وكيف نستطيع إطلاقها والاحتفاظ بها متوقدة؟ الطاقة المختزنة في داخلك هي عبارة عن قدرة تحيط بجسمك وتسمى هالات، إن هذه الطاقات غير مرئية بالعين المجردة. أصبح العلم يجري البحوث المستفيضة على هذه القدرات، وكيفية تسخيرها في الحياة العملية. لقد آن الأون لمعرفتها واستخدامها، لانه باستطاعتنا ان نطلق طاقاتنا.
اطلاق الطاقة تكون بتفجرها من ذات الانسان بتحريك رغبة الانسان، وليس بالاعمال الماديه فقط وانما من جميع النواحي في حياتنا. اذ نمتلك مليارات الخلايا في عقولنا، التي لا تستخدم بشكل مجدي في خدمة حياتنا اليومية. اثبت العلم ان الاسترخاء والتركيز بالذهن من افضل الوسائل في تنشيط الطاقة والاحتفاظ بها.
هناك ايضا بعض الرياضات تساعد على الاسترخاء، وهي ايضا تحفز الطاقة على الخروج. وممارسة اليوغا، التي تشي، الركي وما اليها من طرائق و رياضات.
أحياناً يكون للفرد طاقة، ويملك قدرة على التحرك والتفكير لكنه يغفل عن كيفية توجيه ذاته، لا يملك الأهلية في توجيه ذاته أصلاً، ثم يتسلط على غيره بطاقاته، فيؤثر ذلك سلباً على الفرد مما يفقده بعد ذلك النجاح المرجو منه، أو يكون له إنتاجية لكنها ضعيفة ؛ وبناءًا عليه يتطلب من الفرد أن يدرس خصائص هذه الطاقة الموجوده بذاته جيدا من خلال التأمل. عندها سيظهر له جلياً كيفية توجيهه لطاقاته.
إن قلة الخبرة هي من العوامل التي تعيق الانسان من ادارك ذاته. مما يفوت على الإنسان كثيرًا من الفرص، ويؤخر كثيرًا من النجاحات، ولذلك فينبغي للفرد أن يهتم بالخبرات السابقة له في أي مجال كانت؛ إن الاستفادة من الخبرات السابقة يعتبر من أهم مقومات تسخير الطاقة الكامنة، حيث ان تعّرف الانسان على ذاته يحتاج الى بحث في التجارب والعقل الباطن.
الاستعجال في التفكير والقرارات قد يؤدي الى تأثير عكسي لدينا، قد نخسر فرصة تسخيرنا لطاقاتنا في مواجهة اي مشكلة اجتماعية في حياتنا. لان التسرع في التفكير واتخاذ اي من القرارات، قد يكون كالشحنة السلبية التي تفرغ ذواتنا من الطاقات الخفية الموجوده فيها. تصبح ستارا حاجبا امام بصيرتنا، لرؤوية تجاربنا السابقة، والاستفاده منها لمعرفة الذات وتسخير طاقاتها الخفية.
الامر الهام الاخر الذي يلح باهميته ايضاعلينا، هو تجنب الفوضى الذهنية في الحياة اليومية. الكثير من الافراد قد لا ينظمون حياتهم اليومية، و يهملون تنظيم الذهن والوقت لديهم. هذه الحالات تشبه السلك الثالث من الاسلاك الكهربائية التي تفرغ الشحنات الالكترونية الكهربية الموجودة في المادة. لها دور سلبي في هذه الطاقات، تهدرها وتحول دون استخدامها بشكل ناجع.
لكن من الامور الاخرى التي تؤثر سلبا على امتلاكنا لقدراتنا الذاتية، الكسل والاهمال في التركيز على اذهاننا وقدراتنا الطاقية. الكسل يؤدي بالضرورة الى الخمول، وكما هو معلوم فالطاقة الخفية تمتاز بالحيوية وتستوجب الديناميكية في تسخيرها. هذا بحد ذاته على النقيض من الكسل والاهمال الذي يشوب حياة الانسان اليومية، الذي يبعده عن ادراك الخفي من ذاته. هي عوامل تعيق استخدامنا لطاقاتنا. الطاقة الكامنة ضرورة حيوية في حياتنا الومية، الطاقة الظاهرة في ذاتنا لا تعدو الا جزءاَ بسيط من الطاقة الخفية الحقيقية الموجوده في اعماقنا، نجهل معالمها ونخطئ كثير في تقديرها او استخدامها. اذِ هذه الطاقة ضرورة حياتية في حياتنا اليومية. بطبيعتنا نخاف مرات كثيرة من مواجهة مشاكلنا والحياة الصعبة التي نعيشها. لهذا قد نتهرب من المسؤوليات اليومية كوننا قد ندرك احيانا، اننا لا يمكن ان ننجح فيها، وذلك لعدم توفر الطاقة التي تخولنا من حلها او مواجهتها. في كل فرد منا طاقة نفسية وذهنية غير ظاهره له. جمعتها التجارب الماضية في مخزون مخبأ. هذا المخزون له القدرة على تحريك عواطفنا، تفكيرنا بشكل غير اعتيادي. نمتلك الجرأة اكثر، ونكون بحيوية ذهنية لا نملكها في حياتنا الروتينية. بالطبع العلم له دور اساسي في توضيح هذا الحقائق لاذهاننا. كلما تقدم العلم اكثر، كلما تعرفنا على عالمنا الداخلي وانعكاساته على الوسط والعالم الخارجي اكثر. لايمكن ان نلجأ الى التنجيم والخرافات البالية في تفسيرها لذاتنا. العقل المفكر بموضوعية، يمكنه ان يستوعب الطاقة الكامنة وضوروة وجودها في ذاتنا. عالمنا الداخلي يخبأ لنا الكثير من الاسرار. لكل فردا منا رحلة لا بد ان يقوم بها لسبر اغوار هذا العالم، كالرحالة الذي يستكشف عوالم مجهولة، ويقوم برسم خارطة جديدة لها. نحن امام ذاتنا، يجب ان نستكشفها. صحيح اننا نملك ذاتنا، لكن نجهل معالم كثير منها. نظهر ضعفاء في اوساطنا الاجتماعية، لكننا في الحقيقة نمتلك قدرات ذهنية وعقلية لا تماثل الذي يظهر منا امام الوسط الاجتماعي الذي نعيش فيه. المعادلة التي اشرنا اليها سابقا ذات اهمية قصوى، تلح علينا استيعابها و فهمها بشكل صحيح.
لماذا نحتاج الى هذه الطاقة الخفية، قد لا يشكل هذا السؤال اي اهمية للكثيرين. لكن ان عرّفنا الانسان بشكل علمي ومنهجي. الانسان هو كائن اجتماعي يتالف من ذهن وجسد متوازن، ذا ارادة يدرك الوسط المحيط فيه. يمكننا ان نجمع الكلمات المكونة للانسان على الشكل التالي:
ذهن- جسد- متوازن- وعي- اراده - ادراك - اجتماعي. هذا المفردات مترابطة ببعضها الى حدِ كبير لا يمكن تصوره. لكن اهم شي في الانسان هو الارادة. والاراده شكل من اشكال وانعكاس للقدرة والطاقة الواعية لدى الانسان. كما عرف الكثير من الفلاسفة، القوة التي لا يمكن التحكم بها، ليست طاقة. الطاقة التي يمكن انت نتحكم بها نسميها ارادة. فهل يمكن ان نصف انسان بانه انسان من دون ان نذكر الارادة. فهل كل انسان من دون ارادة يعتبر انساناَ. ان ذكرنا لهذا المفردات والخواص له علاقة جدلية بمفهومنا للطاقة الكامنة. كنا ذكرنا في الاقسام السابقة المعادلة البسيطة التالية:
الطاقة الكامنة+ الوعي= الارادة.
هي معادلة بسيطة لكن تحوي داخلها معان كثيرة للقدرة. حاول العقل البشري والعلم ان يكتشف اسرارها عبر آلاف السنين. لكننا اكتفينا بتفسير موضح لهذه المعادلة لنفهم اهمية الطاقة الكامنة الخفية في ذاتنا. لانها منبع ارادتنا ولا يمكن ان نهملها في حياتنا اليومية، كونها تطرح علينا هذا السؤال: هل تشعر بانك انسان ذا ارادة؟ ان كان جوابك الايجاب، هذا يعني ان لا تهمل مفهوم الطاقة الذهنية الخفية، لانها منبع الارادة. لان الارادة تستوجب التحكم بقدراتنا الذاتية. وان كان جوابك سلبا، تستطيع ان تهمل موضوع الطاقة الذهنية الخفية داخلك. كمحصلة المعادلة البسيطة اعلاه مع السؤال الذي ذكرناه، يوضحان ما هية هذه الطاقة واهميتها بالنسبة لنا. لان الانسان لا يمكن ان يهرب من استكشاف ذاته، كونه كائن اجتماعي مفكر وواعِ لإرادته.